Simple words that touch your heart, stimulate your mind, and nourish your soul.
Sunday, December 25, 2016
Friday, December 9, 2016
وصايا الحكيم بِتاَحْ حُتِبْ
سيدي الفارس – يقصد الملك الذى عمل فى عهده – :
آتتني الشيخوخة، والخرف تمكن مني
وهرول إلي وهن الشيخوخة
وعجز الطفولة تجدد
قابع في الطفولة طوال اليوم
ضعفت العينان
وأصاب الأذنين الصمم
صمت الفم وما عاد يتكلم
الوعي في نهايته
وما عاد المرء يتذكر الأمس
والعظام تؤلم كثيرا
الطيب صار خبيثاً
ولا طعم لشيء
فشيخوخة المرء سوء من كل النواحي
سدت الأنف وما عادت تتنفس
صعب القيام والقعود
فلتأمر لعجزي بسند الشيخوخة(المقصود: أبنه) لأقول له أحاديث من يسمعون القول
ونصائح السلف ولمن يطيع الألهة
ليكن المرء لك بالمثل
ويخفف بؤس الرعية على ضفتي النيل
وليكون في خدمتك
وقال صاحب الجلالة: علمه، ليكون كما يقال من البداية
ليكون قدوة لأولاد كبار القوم
وليصغى لكل كلمة تقال له، وليطيع التحذيرات التي تلقن له
فلا أحد يولد حكيما
______________
يا بني
لا تكن مغتراً بعلمك
ولا تأمن لكونك من المتعلمين
تشاور مع غير المتعلم كما تتشاور مع المتعلم
فحدود العلم لا يمكن الإحاطة بها
وما خفي من الحكمة أندر من الأحجار الكريمة
لكنك قد تجدها عند إمرأة تدير الرحاية
إذا إلتقيت بأحدهم في عمله
قائدا، وأعلى منك مقاماً
ضم ذراعيك وانحني له احتراما
ولا تستهن به وإن لم يعاملك بالمثل لا تتفوه بالسوء
لا تعرقل عمله
فالمرء يلجأ له إن جهل أمر ما
ثروته تكمن في مقامه
……….
وإذا إلتقيت بأحدهم في عمله
مساو لك في المقام
أعطه نصيبه من كرمك في صمت
ولو تتفوه بالسوء فتأنيب الكبراء سيكون أعظم وسيبقى اسمك طيبا في رأي الكبراء
……….
إذا إلتقيت بأحدهم في عمله
ضعيف لا يطاول مقامك
لا تستقوى عليه لكونه ضعيف
أتركه في حاله ليتخفف قلبك
فلا تفرح قلبك بما أمامك، فمن العار الإساءة للضعفاء
إذا جلست مع الجالسين على مائدة
وهناك من هو أعلى منك مقاما، فخذ مما امامك مباشرة، انظر فقط لما أمامك ولا تراقبه بنظراتك المتكررة فمن السوء أن تزعجه
لا تبدأ الحديث معه حتى يأذن لك
لا أحد يعرف ما في القلب
تحدث عندما يتحدث هو معك
وقل قولا جميلا
لكي تكون رجلاً أمينا، يرسله الكبراء للكبراء
اهتم بمن ارسلك ونفذ ما أمرك به حرفيا
واحذر الوشاية ونقل شتائم أحد الكبراء لآخر
تمسك بالحقيقة ولا تتجاوزها
لا تنقل السباب وتكرره
لا تغتاب الناس، كبيرهم وصغيرهم
لان ذلك شيء قبيح
…….
إن كنت قائد لعمل ما
فاصغ صابرا لكلمات السائل
لا تصرفه حتى يكمل كلامه وما أراد قوله لك وما يفكر فيه
المسحوق ينتظر أن تسعد قلبه ولهذا هو جاءك
وإن لم ينظر في طلبه، سيقال: لهذا يتجنبك
هذا ليس كل شيء… ما يطلب منك عليك إنجازه
فنقاء القلب في حسن الأستماع
إن أردت الحفاظ على الصداقة في مكان تدخله
سيداًوأخا وصديق أو أي مكان أخر
احترس من الاقتراب من النساء
فلا يليق بالمكان أن يحدث ذلك
وماذا سيفيد الوجه المكشوف
سيلفت نظر ألف رجل بنظرة خاطفة
وكأنها حلم وبعدها يأتي الموت
وبعدها يعرفون، أنه عمل قبيح أن يحدث ذلك مع الآخر
وأن يخرج المرء لفعل يرفضه القلب
إذا أردت أن تكون صورتك طيبة
حرر نفسك من الشراهة
واحفظها من عبء الطمع، فهو مرض لا شفاء منه
ولا شيء يجدي من وراءة
يفرق بين الأباء والامهات وأشقاء الأم
يفرق بين الزوجة ورجلها، وهو أصل كل شر
حمل ثقيل من الشرور
طوبى للمرء الثابت على الإستقامة والعدل
والسائر على صراطه المستقيم
الوافي بعهده
أما الجشع فلا بيت له
إن كنت رجلا ناجحا فأسس بيتاً وحب زوجتك التي به
اشبع جوفها واستر ظهرها
وعالج جسدها بالزيوت العطرية
اسعدها طالما حييت
فهي حقل مثمر لسيدها
…
إذا كنت رجلا مسئولاً وتجلس مع مستشاري سيدك
اهتم بالمهم
الصمت أفضل من الحديث في توافه الامور
وتكلم فقط عندما تفهم الأمر
فينبغي على المبدعين فقط الحديث في المجلس
فالحديث الجيد أصعب من كل عمل
من يفهم تترك له القيادة
إذا أصبحت من وجهاء القوم بعد أن كنت فقيرا
وفي سعه بعد ضيق
هناك في مدينتك حيث تعرف حالك السابق
فلا تغتر بما تملك فهي منحة من الرب
ولا تخفي نفسك خلف آخر حدث له الشيء نفسه
……………..
انحني احتراما لرئيسك وأميرك في بلاط الملك
ويبقى بيتك في أمان
وليكافيء الأجر المكان
ومن السوء الوقوف معترضا ضد الرئيس
فالمرء يحيا طول الوقت بطلعته
وانحني تعظيما له
….
لو أصغى المستمع لما قلته
سيكون من كبار القوم
المستمع الجيد هو متكلم جيد
من يسمع هو حسن
والأصغاء أفضل من كل الأشياء

Sunday, November 20, 2016
سمات الشخصية المصرية
الشخصية المصرية الحديثة هي محصلة للأثر الفرعوني والمسيحي والعربي والإسلامي. أضف إلى ذلك أبعادها المتداخلة الآتية: آسيوي (أمدنا بالحضارة والثقافة والدين)، أفريقي (أمدنا بالحياة—الماء والسكان)، نيلي (أساس الوجود المصري)، ومتوسطي (نافذة العلاقات الخارجية).
وهناك سمات أسفرت عنها العديد من الدراسات حول المصري الحديث منها على سبيل المثال الميل للشكوى والفكاهة وصرامة المجتمع والميل للخمول والتمسك بالجذور والأصول. فالمصري أخذ من الآخرين ما أراد ولكنه لم يعطهم ما أرادوا وهو شخصيته. فهو لا يسمح لنفسه أن يكون أحدا غير المصري. يقول رفيق حبيب: "كان هذا درس التاريخ، فالمصري لا يحقق تطورا مستوردا، ليس لأنه من الغرب أو الشرق، لكن لأنه ليس مصريا. وعندما يقلد الآخرين، يفقد ذاته وإحساسه بها، ويشعر بالاغتراب، تضيع الأصالة والجذور، ويفقد عمق التجربة...تطور القديم، ونمو الخبرة هو مفتاح تقدم المصري. فمن خلال الاستمرارية يستطيع أن يغير ويتغير، دون أن يفقد ذاته، ويتغرب" (ص. 494).
كما يمكن تحليل الشخصية المصرية من خلال العناصر التالية:
الوجدان: الوجدان هو المشاعر والانفعالات والحس الجمالي والتذوق الفني. المصري ينفعل ولكنه يميل للتعبير عن تلك الانفعالات. في الماضي كانت شخصية تميل للجوع الحسي. وفي الحاضر تميل للوسط بين الشبع والجوع، مع استمرار الميل للطمأنينة والفكاهة. ويضيف حبيب: "عندما توجد المشاعر، وتوجد قواعد تفرض سلوكا يخالفها، تكبت المشاعر، مادام الإنسان يلتزم بالقواعد. تكثر القواعد، يزداد الكبت، يجب أن تبتسم، وأن تصافح الآخرين، وللرجل لا تبك، وللمرأة يعاب الضحك الصاخب، تلك وغيرها تكون القواعد، والحل هو كبت المشاعر مراعاة لقواعد المجتمع" (ص. 496). ومع تفاقم مشكلات المجتمع يكون التدين والغيبية والتواكل، وهي مفاتيح الطمأنينة للمصري لا القلق، مما يعطيه مظهر الصمود ويحميه من تدمير النفس. والمزج بين الفكاهة والاكتئاب ينتج عنه السخرية، أداة تعبير المصري عن النفس وإخراج ما بداخله. لذا يجب على المصري أن "يدخل في البركان، في المشكلات، يشعر بها بقدر، فيقلق بقدر، بالقدر الكافي؛ لكي يفكر ويتفاعل، فالقلق يدفع للفكر والعمل، طالما كان قلقا في حدود. أما الفكاهة، فهو وجه مشرق لشخصية المصري، ولكنها تحتاج للسعادة، فتصبح مرحا، وتحتاج أن تكون تعبيرا عن الأفكار، لا أن تكون كل ما يفعله الإنسان في مواجهة واقعه، فتصبح الفكرة المرحة، التي تنشر السعادة دون السخرية، ودون أن تكون هروب من المشكلات" (ص. 497). أما عن الحس الجمالي، فالمصري الحالي يميل للفطرة في مقابل العصر الفرعوني والروماني والإسلامي عندما كان يميل للتحضر، فكلما أدرك الفرد مدى التقدم الذي تتمتع به حضارته، زاد قبوله وتحمسه لها، وهو ما ينتج عنه الاهتمام والتحضر، وهذا لن يأتي إلا مع حب الوطن والأرض والبيت، والشعور بالرضى والشعور بقيمة النفس والمجتمع، فمن يحب الشيء يحافظ عليه.
العقل: العقل هو التفكير والإدراك والتذكر والإبداع. واحدة من سمات المصري هي ظاهرة الشعار أو المقولة. يميل المصري لحسم الأمور وتحديدها في مقولة أو حكمة أو مثل، ومن ذلك يظهر الفكر الثابت المائل للجمود. ويميل المصري أيضا للشكل دون المضمون. كما يميل لبساطة الفكرة والفكر، وهو ما يجب استثماره لتماشيه مع العلم وروح العصر ولكن مع تقبل التعقيدات إذا دعت الضرورة. والمصري لا يتحمل أن يكون مخطئا ولكنه في نفس الوقت يحقق ذلك بإخفاء أخطائه، حيث يرى المصري المشكلات بوضوح ولكن يرى نفسه خاليا من النقائص وغير مسؤول عما يحدث. ويفضل المصري الفعل عن التفكير.
المجتمع: المجتمع المصري يميل للجماعية والتعاون والمشاركة والمساعدة وهو ما يساعد في تماسك المجتمع ومصالحه القومية. ونجد أيضا أن التمييز من الأمور السائدة في المجتمع المصري. فمن يملك قدرا من التعليم والنسب والمال والسلطة والنفوذ وغيرها يحظى بمعاملة متميزة عن غيره. كما يميل المصري للاجتماعية وكثرة المعارف والصداقات. فهو عموما مجتمع مترابط، ولكن مع بعض الميل للاغتراب والتمييز. كما يميل المصري للتدين الوسطي المعتدل.
الفعل: هناك ميل للرفض للواقع وعدم قبول أوضاع الجميع، وهو أمر جيد، ولكن رفض هذا الواقع دون محاولة تغييره هو أمر آخر. يقول حبيب في ذلك: "الواقع غير مرض. نعم، ولكن الكل لا يقوم بدوره كما ينبغي، لهذا فالمطلوب من كل فرد أن يبدأ من حبه واعتزازه بوطنه، ثم تقييم الواقع ليحدد المشكلات والعيوب، ثم يقوم بدوره كاملا" (ص. 512). والمصري بهذا لا يظهر كرها للمجتمع، ولكن هي وسيلة للهروب من واقع صعب ومسؤولية كبيرة. وهذا ما يؤدي إلى نزعة السلبية الكائنة بشكل كبير. كما يظهر ميل للفهلوة مما يؤثر على قيم العمل بالسلب.
ويختم رفيق حبيب تحليله بقوله: "هذه وتلك بعض من سماته، إنه المصري، الذي تحدد بكونه متميزا، وتميز بكون تاريخه الطويل...ربما تكون الوقفة هي مفتاح الحل، وقفة مع النفس يرى فيها سماته وتكوينه؛ ليعرف من هو؟ ولماذا؟ يحدد مناطق الضعف ومناطق القوة؛ ليغير الأولى، ويستثمر الثانية...وعليه أن يفكر دون أن تتوقف يده عن العمل. ومن هنا، أو هناك، سيجد طريق التقدم والتطور" (ص. 515).
وفي النهاية، يلخص جمال حمدان العبقرية المصرية في قوله:
"كثيرا ما يتردد أن مصر هي ارض المتناقضات...فهي بطريقة ما تكاد تنتمى إلى كل مكان دون أن تكون هناك تماما.
• فهي بالجغرافيا تقع في افريقيا و لكنها تمت ايضا الى آسيا بالتاريخ.
• و هي متوسطة دون مدارية بعروضها و لكنها موسمية بمياهها و اصولها.
• و هي في الصحراء و ليست منها، هي واحة ضد-صحراوية، ليست بواحة و إنما شبه واحة.
• فرعونية هي بالجد و لكنها عربية الأب.
• ثم انها بجسمها النهري قوة بر, و لكنها بسواحلها قوة بحر, وهى بذلك تضع قدما في الارض و قدما في الماء.
• و هي بجسمها النحيل تبدو مخلوقا اقل من قوى, و لكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأسا اكثر من ضخم.
• و هي بموقعها على خط التقسيم التاريخي بين الشرق و الغرب تقع في الأول و لكنها تواجه الثاني و تكاد تراه عبر المتوسط، كما تمد يدا نحو الشمال و اخر نحو الجنوب، و هي توشك بهذا كله ان تكون مركزا مشتركا لثلاث دوائر مختلفة بحيث صارت مجمعا لعوالم شتى.
• فهي قلب العالم العربي و واسطة العالم الإسلامي و حجر الزاوية في العالم الأفريقي.
و إذا كان لهذا كله مغزى, فهو ليس أنها تجمع بين الاضداد و المتناقضات, و انما أنها تجمع بين اطراف متعددة غنية و جوانب كثيرة خصبة و ثرية, بين ابعاد و افاق واسعة, بصورة تؤكد فيها "ملكة الحد الاوسط" و تجعلها "سيدة الحلول الوسطى" و تجعلها امة وسطا بكل معنى الكلمة و لكن ليس امة نصفا !
و لعل في هذه الموهبة الطبيعية سر بقائها و حيويتها على العصور ورغمها. و نحن لهذا لا نملك الا ان نقول اننا كلما امعنا تحليل شخصية مصر و تعمقناها استحال علينا هذا الانتهاء: و هي انها "فلتة جغرافية" لا تتكرر في أي ركن من أركان العالم" (ص. 12–14).
المراجع:
1. جمال حمدان، 1967، شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان.
2. رفيق حبيب، 1997، الشخصية المصرية والتطور النفسي في 50 قرنا.
Sunday, October 2, 2016
يوم لا يمكن نسيانه
مش عارف ليه انهارده افتكرت يوم 25 يناير 2011. يمكن علشان كنت لسة موجود من شوية في نفس النقطة من ميدان عبد المنعم رياض اللي نزلت فيها يوميها من باص الشركة (اللي كنت بشتغل فيها وقتها) في نفس التوقيت (الساعة 12 أو 12.30 بعد منتصف الليل) بالصدفة البحتة دون أي علم إن البلد بيحصل فيها ثورة أو إن الدنيا مقلوبة هناك أو إن فيه ناس بتموت وناس بيتقبض عليها. يمكن افتكرت اليوم ده والليلة دي بالتحديد علشان كانت من أولها ليلة غريبة. من أول ما سألت مشرف الباصات في المغادرة بعد الشغل على مكان خط التحرير اللي على غير العادة مش شايفه واقف، وهو السؤال اللي قابله مشرف الباصات وعدد من السواقين المتواجدين حواليه بنظرات من التعجب والحيرة والدهشة (وهي النظرات اللي فهمت معناها بعدها بسويعات قليلة). يمكن علشان الباص يوميها (واللي المشرف دبره ودبر سواق "مغامر" له بالعافية) واللي بيتسع ل14 راكب كان على غير العادة موجود جواه 3 ركاب بس أنا واحد منهم. يمكن برضو علشان ليلتها كانت أول مرة أسمع محادثة مكنتش أتخيل إني ممكن أسمعها قدامي كده بين السواق والاتنين الركاب التانيين معايا اللي هما زمايلي في الشغل بس معرفش حد منهم. المحادثة كانت بتدور حوالين الأفراح البلدي وازاي بيبقى فيها خمور ومخدرات وازاي إن السواق بيجهز لفرح ابنه وجاب أد إيه خمرة وأد إيه مخدرات عشان يحيوا الليلة، وازاي إن الفرح البلدي بيبقى الرجالة في حتة والستات في حتة علشان الرجالة بتبقى لمؤاخذة "مونونة" من الهباب اللي بيشربوه وبيضربوه ويمكن يعملوا حاجة غلط معاهم، وازاي إن الاتنين الركاب اللي هما زمايلي في الشغل دول على معرفة كاملة بالموضوع ده وبالمخدرات وأنواعها وأسعارها، وهي المحادثة الشيقة والحميمة واللي انتهت بإن السواق عزمهم على فرح ابنه!
يمكن برضو علشان بمجرد ما وصلنا عبد المنعم رياض ونزلنا من الباص السواق فتح على الرابع وطار (زي ما يكون طيارة هليكوبتر رامية مجموعة قوات خاصة في ميدان الحرب في مهمة انتحارية)، والاتنين اللي كانوا معايا نطوا في أول ميكروباص وطاروا هما كمان! وطبعا كل ده بيحصل وأنا معنديش أي فكرة إيه اللي بيحصل بالضبط، غرقان في دوامة من الاستغراب والأسئلة اللي ملهاش إجابة، أو اللي مكانش ليها إجابة لغاية دقائق قليلة بعدها.
يمكن علشان بمجرد ما ببص حواليه إذا بي كأني دخلت جوه لعبة من ألعاب الإثارة على الكومبيوتر أو فيلم من أفلام الرعب. المشهد كان سيريالي ومرعب إلى حد كبير: الناس حواليك عينهم محمرة جدا وبتتحرك ببطء وبتجهم كما لو كانوا Zombies أو أموات أحياء، بعدها بدقيقة بالضبط ابتديت آخد بالي من طبقة الدخان الكثيف والخانق اللي بتغطي الجو، وبعدها بدقيقة ابتدت تظهر الأعراض علىّ--رشح وتدميع في العين وصعوبة في التنفس وارتعاش وشعور بالبرودة. وبمجرد ما خطيت خطوتين في وجهتي المعتادة منطلقا ناحية التمثال متوسط الميدان للتوجه بعد كده لميدان التحرير ومنه للبيت، إذا بالحرب تضع أوزارها وتعلو ضجة الصياح وطلقات النار والقنابل المسيلة للدموع والصراخ، فإذا بي أعود مسرعا إلى نقطة الصفر كما كنت، وإذا بي أرى الضحايا المصابة محمولة أمامي بعيدا عن ساحة القتال والدماء تنهمر منها، وإذا بي أتسمر في مكاني دون أية فكرة عن إيه اللي بيحصل أو اتصرف ازاي.
ويمكن برضو علشان يوميها عرفت فعلا معنى من معاني ستر ربنا أو بركة دعاء الوالدين. دخان ودم ونار وظلام وفوضى سائدة على المكان وأنا في وسطها مجرد شخص موجود في المكان الغلط في الوقت الغلط، فكان لازم أحاول أتحرك في أي طريق علشان أطلع من المكان الكارثي ده وأوصل للبيت. ولكن مع كل خطوة ناحية طريق زي ما يكون كان بيطلعلي حد من تحت الأرض يحذرني إني أمشي في الطريق ده: لأ حاسب الطريق ده فيه ضرب نار .. لأ متمشيش من هنا، فيه مخبرين وناس بيقفشوا أي حد ماشي .. لأ خد بالك الطريق ده مسدود.
ويمكن علشان يوميها عرفت معنى إننا مسلم ومسيحي إخوات في وطن واحد. فبعد مناورات وتحذيرات عديدة وقفت بقلة حيلة في وسط جراج سيارات مش عارف أروح فين تاني، وإذ فجأة بتلات ظلال أشوفها بتقرب مني. ساعتها أفكار كتير بتمر في دماغك: هل هي دي النهاية؟ مين دول وجايين ناحيتي ليه؟ هما دول المخبرين وجايين يقبضوا عليّ؟ طيب أجري ولا أعمل إيه؟ طيب وأهلي هشوفهم تاني امتى؟ وبيتي، قد إيه بفتقده وبفتقد دفءه. في النهاية قررت الثبات والمواجهة وزي ما تيجي. ومع كل خطوة منهم ناحيتي كانت أشكالهم بتظهر أكتر وكانت ضربات قلب الواحد تكاد تسببله الصمم. توتر شديد فضل موجود حتى بعد ما عرفت إنهم مجرد تلات أشخاص عاديين كانوا زيي برضو موجودين في المكان الغلط في الوقت الغلط. كانوا شايلين علبة شاشة كومبيوتر فغالبا هما كانوا جايين من مول البستان القريب من ساحة الميدان وإنهم كانوا جايين يهربوا من المكان ده بعربيتهم اللي بالصدفة كانت العربية اللي كنت واقف جنبها. من أسماءهم اللي مش فاكرها ومن الصليب المتعلق في العربية عرفت دينهم المختلف عن ديني، بس من الموقف اللي عملوه بعد كده عرفت إننا ممكن يكون ديننا مختلف بس احنا لسه بني آدم زي بعض تربطنا الإنسانية، العمر واحد والرب واحد والوطن واحد. رموا الشاشة في شنطة العربية وإذا هم بيستعدوا إنهم يمشوا إذا بواحد منهم ألاقيه بيتجه ناحيتي، يبدو عليه نفس التوتر والخوف اللي بادي عليّ، وبيسألني أنا ليه واقف كده وأما عرف إني زيهم عايز بس أوصل للبيت عرض عليّ إنهم يوصلوني بعربيتهم لأي مكان في طريقهم بعيد عن الكابوس ده. ووافقت على الرغم من نظرات متبادلة من الخوف وعدم الثقة: ماهو ممكن يخطفوني في العربية دي .. ما هو ممكن يطلع مسجل ولا مخبر ويعمل فينا حاجة. وبصوت أزيز الفرامل مع البنزين طرنا بعيد وبمجرد ما وصلنا لمنطقة أمان شكرتهم وسبتهم ونزلت وبعدها أول تاكسي وعلى البيت بعيد عن أي أثر للحرب الدايرة في الميدان غير أثر الرعشة والبرودة وصعوبة التنفس الناتجة عن استنشاق كمية مش قليلة من الغاز واللي فضلت معايا لغاية ما غسلها دفء البيت وطمأنينته.
يمكن بعد كل ده عرفت أنا ليه افتكرت اليوم ده بالذات: علشان ببساطة هو يوم ماينفعش يتنسي.
Saturday, September 24, 2016
The Book with the Red Cover I
"It just vanished?? How can that be?!" He kept on searching for that book for so long all over the apartment that he started to have doubts that he ever owned it or even read it before. He quickly scattered these doubts away though for he is so sure that not only did he read the book, but he also rated it and recorded this rating both online and inside his diary. But if that is the case, then how come he cannot find it anywhere, he thought. The doubts started to rise again, "I'm sure I had the book and read it before. I even remember its red colored cover and what it talked about. Could this be just some kind of dream or illusion?"
As the perplexity kept rising, leaving him more bewildered with every passing minute, he finally decided to put an end to all this. So he reached his laptop, opened his account on that reading website, and searched through the many books he read and rated and reviewed. To his amazement, he could not find the book anywhere in his account either. "Now this is becoming weird!" One more thing remained, he thought to himself. So he opened the drawer, got the diary out, and went through its pages. Each page a day, each day a memory, and each memory a feeling associated with it. He could not recall when exactly he read the book, so he quickly but carefully jumped from page to page and memory to memory. On that day he had this wonderful sea trip, on the other day he met that girl he had some crush on for the first time, and that day, how hilarious it was, he acted the role of Tarzan and kept on roaring in front of the class in that silly self-confidence course. An overflow of mixed emotions flooded him that he forgot what he was actually looking for, and what diaries are made for but to act as the pandora box for one's deepest thoughts and hidden emotions. However, that flood of emotions did not last for long as the diary dried out of pages with no single reference to that book with the red cover.
Feeling lost and helpless, he no longer had any idea about what else to do. The sense of gloominess and perplexity kept filling the air of the room till a message notification peeped off the mobile phone. "Another advertising message from the service provider about some offer from their lame offers," he said grimly. However, the message was the farthest thing from that, and once he finished reading it, he just threw the mobile phone down and kept looking around him in suspicion and fear. We know what you are looking for, and we know where you can find it. Your book is in safe hands. "What the ...! This can't be happening! What on earth is going on here?!"
Monday, September 5, 2016
حدث بالفعل!
يوم مرهق آخر في العمل حتى الساعات الأخيرة من الليل، حالة شبه إعياء من كثرة الشد والجذب والمجادلات والمفاوضات والمشادات وحتى أوقات الانتظار والترقب، انتظار لعميل جديد، لسيناريو جديد، لفرحة جديدة، لغضب جديد، ترقب للحظة انتهاء وقت العمل، للحظة ركوب باص المغادرة والانطلاق، للحظة الوصول للميدان الذي يبعد عن المنزل مسافة شارع طويل بعض الشيء، للحظة احتضان بوابة المنزل والمرور عبر باب الشقة إلى باب الغرفة إلى الاستلقاء على السرير ومحاولة نسيان كل شيء، نسيان كامل! ولكن مسار العودة يومها كان غير قابل للنسيان...
الميدان يبدو مختلفا بعض الشيء. أين الجميع؟ الميدان شبه خاوي على غير المعتاد. ولكن كان الشارع الطويل عكس ذلك تماما. الشارع مظلم بعض الشيء ولا يضيئه إلا بعض أعمدة النور القليلة التي تفرش نورها على استحياء على جوانب الطريق. أضف إلى ذلك طبعا بعض الأصوات البعيدة التي أصبحت معتادة لصياح بعض الجماهير الغاضبة وضجيج طلقات قنابل الغاز المسيل للدموع. وعلى الرغم من كل ذلك كان الظلام يخيم على المشهد بأكمله. وكانت كائنات الظلام في الانتظار. كان المشهد غريبا. العديد من الشباب من الجنسين مجتمعين في تلك القهوة المعروفة وعلى طاولاتهم زجاجات الخمر المحلية. سمعة تلك القهوة معروفة بذلك ولكنها كانت المرة الأولى التي يكون ذلك المنظر الشاذ على مرءى العين. وجوه مظلمة تراقب في حذر كل خطوة أخطوها إلى الأمام في طريقي إلى المنزل، لا يظهر منها سوى ذلك البريق المنعكس من أعينهم الدامية. بدأ القلق يتسرب ويبدو على خطواتي المنهكة، ومع شعوري بأنني مراقب إلا أنني فضلت تفادي النظر إلى إتجاههم والنظر إلى الاتجاه المعاكس، حين رأيت ذلك المشهد الصادم. ظلال لرجلين وامرأة يمارسون الرذيلة في عرض الطريق! معتمدين أن تسترهم الشجرة الصغيرة اليتيمة في الجزيرة الوسطى للطريق. يا إلهي! هل أنا في كابوس؟ ما الذي يحدث في البلد؟ ما كل تلك الفوضى؟!
علا صوت الأنفاس وزاد التوتر وتسارعت ضربات القلب استعدادا للهرب من الظلام سعيا إلى أي بارقة نور بعيدا عن تلك المشاهد الشيطانية. وأي هروب أفضل من الهروب من الظلام إلى النور، وأي سعي أسمى من السعي إلى الاستقرار بعيدا عن الفوضى.
Saturday, August 20, 2016
تقلّب
أتذكر أول مرة كان اللقاء. لم يكن بالأمر غير العادي بالنسبة لي حيث إني لم أنتبه إلى أي شيء مميز تجاهك. مثلك كغيرك، زمالة عابرة، أو غير عابرة، ولكنها تظل زمالة أولا أو أخيرا. لا أنكر أني لاحظت بعض الاهتمام ولكني لم أقدر على تفسيره، حيث إني اعتدت ألا أحكم على الناس من المظاهر، فالمظاهر خداعة، والافتراضات وجاعة. أهي حكمة؟ أهي خبرة؟ أم هو خوف من ألم جديد؟ من تكرار نفس الخطأ؟ من عدم التعلم؟ من ضعف الإنسان؟
تلك الهالة من الحماس المحاطة حولك، لازلت أشعر بها. ذلك الغموض المحاط حولك، لازلت أحاول فك شفرته. ويالغرابة غموضك! عادة يكون الغموض من الهدوء والسكون، وهي صفات متناقضة تماما معك. فعلى الرغم من انطلاقك و أحاديثك التي لا تنتهي، ولكن ما يظهر منك هو أقل بكثير مما هو مخفي. خلف ذلك القناع من السطحية هناك عمق بعيد، أو كذلك أعتقد.
ولكن اللقاء أعقبه لقاءات. والأمر العادي أصبح غير عادي. وطفت صفات مميزة من الأعماق إلى السطح، وتشبثت بها كالغريق الباحث عن طوق النجاة. وهنا كان الخطأ!
لا يمكنني أن أقل أني لم أحذرك. لا يمكنني أن أدعي عدم معرفتك ولو للحظة لما ينتظرك في نهاية ذلك الطريق الشائك. لا يمكنني أن أتصور نسيانك لما حدث. وقد كان! تكرر الخطأ، نفس الخطأ! تبا للتوقعات! تبا للظنون! وتبا للطيبة والمثالية والخيال!
أتذكر أول مرة كان اللقاء، وأتذكر المرة الأخيرة. كم الاختلافات. كم التغيرات. ولم التعجب؟ الناس تتغير ولا يبقى على حاله إلا الميت. وهكذا المشاعر والعلاقات. تولد وتشب وتشيخ .. وتموت.
Wednesday, May 11, 2016
ذلك الكم المهمل...
يوم مشرق جميل .. الهواء العليل يشرح الصدور، النسمات الرقيقة تداعب خصلات الشعر المتطايرة على استحياء، والشمس المبتسمة الحانية تنير المدارك وتثير المباهج. الجميع يتحركون بهدوء و سعادة و تناغم كأنشودة عذبة تطرب القلوب. الجميع يحتفلون بتلك الهبة التي منحت لهم، هبة الحياة. الجميع فرحون. الجميع، عدا تلك الورقة في كواليس ذلك المشهد الملحمي. هناك! ها هي، في الطرف البعيد من الصورة. ورقة ملقاة في جفاف و استهانة بعد تكويرها و سحقها. تكاد تحسبها ذات قرون من العمر من كثرة التجعدات و قسوة منظر الكرمشة التي سيطرت على كامل ملامحها. تلك الورقة الوحيدة المنعزلة. ذلك الكم المهمل. تراها تود بشدة الدخول في المشهد، الانضمام للسيمفونية حولها. يغطيها الظل القاتم، يتلاعب بها التيار العابس ويتقاذفها طوب الأرض. تحاول أن تقاوم بكل ما أوتيت من قوة، تحاول أن تبقي ثنياتها مغروسة في الأرض في ثبات، ولكن ذلك لا يكفي. يخيفها كثيرا مصيرها المتوقع ومصير مثيلاتها وهو صندوق المهملات بالغ العمق حالك السواد الموحش والمهجور. وما مصير المهمل إلا أن يكون مجرد ركام، مجرد ذكرى عابرة.
Monday, April 18, 2016
Don't You Ever Learn?!
Don't you ever learn?! How many times will you have to fall in the same trap? How many times will you have to commit the same mistake? How much more will you have to intoxicate yourself with the poison you take with your own naive hands? Your disease is expectations and trust to those unworthy of any expectations or trust. Your tragedy is almost always a false companion, and your downfall comes from living in a fantasy world. A world where everyone respects the other, where people are sincere and friendly and true, where emotions are honest and pure, where care and interest are always at your favor, where it is easy to talk to anyone without losing the words for dead silence, where it is easy to listen to anyone without losing the silence to frivolous words, where you understand others' needs and your needs are being understood in return, where people are honest and intentions are clear. Such world does not exist!
Thursday, March 10, 2016
Thoughts to Let out of the Jar
It has been some time since the last activity in the blog, so I thought of searching through the dusty archive, finding the thoughts jar, and shaking it for maybe a couple of thoughts just slip out of it.
Thought #1: If one's typical life journey should see its onset from childhood to teenage (driven by the will of the parents, spent at school, mainly preparing for work), reaching the peak at young manhood/femininity (driven by the will of the self, mostly spent at work), then falling gradually at the middle age (driven by the will of the society, totally spent at work), and finally decaying at the old age (driven by the will of age, spent at home as a consequence of an entire lifetime of work!), then is one's existence based upon work? It captivates you, it identifies you, it feeds you and feeds upon you: from an aim to a responsibility to a duty to a burden to finally a memory...
Thought #2: We keep on killing each other every day! But not the abrupt physical killing of metal and blood, yet a very slow mental and emotional one of depression and frustration and stress and anger. The perplexing question is, how many people had I and have I killed so far? The even more perplexing question is, how many times had I and have I been killed so far?!
Thought #3: We are living in a matrix of feelings and thoughts. He is thinking of she and him has feelings for her but she likes him and her thinks of he, a matrix of I and you and we, all wondering and wandering, all confused, all lost in codes and decodes.
Thought #4: Some people have a barbed wire surrounding their brain, so that whenever it tries to expand and extend its capacities and perceptions, the barbed wire keeps it limited and damaged but its blood crosses its separation barrier falling and clotting not only on their eyes but also on their active body organs, which makes it a matter of time till they get wholly stagnated and petrified!
Thought #5: When the person you're talking to opens his/her heart to you, you really start to feel it, and it is a very brilliant feeling. You start to sense the honesty in his/her words, see the glitter in his/her eyes, hear the pride in his/her voice, and sense the trust he/she laid upon you to share such private piece of information with you, to particularize you, to be from the very few, and sometimes to be the only one, to share such special moments in his/her life with. It is one of these instants of time when both the speaker and the hearer become so much connected in a way, at least for brief moments, so much unified into one entity, with the same line of thoughts, the same beats of the heart, and the same pure smile on the face.
Thought #6: If you fight for others their battles this means that you became responsible for them, then you'll get attached, then you'll get too indulged and too attached, then as a normal reaction you'll expect gratitude, then you'll expect more than gratitude, then you'll lose it and expect so much, and then you'll be totally exposed to be attacked yourself, even from the one you have been fighting for, and this is the most painful attack.
Subscribe to:
Posts
(
Atom
)