Monday, September 5, 2016

حدث بالفعل!

يوم مرهق آخر في العمل حتى الساعات الأخيرة من الليل، حالة شبه إعياء من كثرة الشد والجذب والمجادلات والمفاوضات والمشادات وحتى أوقات الانتظار والترقب، انتظار لعميل جديد، لسيناريو جديد، لفرحة جديدة، لغضب جديد، ترقب للحظة انتهاء وقت العمل، للحظة ركوب باص المغادرة والانطلاق، للحظة الوصول للميدان الذي يبعد عن المنزل مسافة شارع طويل بعض الشيء، للحظة احتضان بوابة المنزل والمرور عبر باب الشقة إلى باب الغرفة إلى الاستلقاء على السرير ومحاولة نسيان كل شيء، نسيان كامل! ولكن مسار العودة يومها كان غير قابل للنسيان...
الميدان يبدو مختلفا بعض الشيء. أين الجميع؟ الميدان شبه خاوي على غير المعتاد. ولكن كان الشارع الطويل عكس ذلك تماما. الشارع مظلم بعض الشيء ولا يضيئه إلا بعض أعمدة النور القليلة التي تفرش نورها على استحياء على جوانب الطريق. أضف إلى ذلك طبعا بعض الأصوات البعيدة التي أصبحت معتادة لصياح بعض الجماهير الغاضبة وضجيج طلقات قنابل الغاز المسيل للدموع. وعلى الرغم من كل ذلك كان الظلام يخيم على المشهد بأكمله. وكانت كائنات الظلام في الانتظار. كان المشهد غريبا. العديد من الشباب من الجنسين مجتمعين في تلك القهوة المعروفة وعلى طاولاتهم زجاجات الخمر المحلية. سمعة تلك القهوة معروفة بذلك ولكنها كانت المرة الأولى التي يكون ذلك المنظر الشاذ على مرءى العين. وجوه مظلمة تراقب في حذر كل خطوة أخطوها إلى الأمام في طريقي إلى المنزل، لا يظهر منها سوى ذلك البريق المنعكس من أعينهم الدامية. بدأ القلق يتسرب ويبدو على خطواتي المنهكة، ومع شعوري بأنني مراقب إلا أنني فضلت تفادي النظر إلى إتجاههم والنظر إلى الاتجاه المعاكس، حين رأيت ذلك المشهد الصادم. ظلال لرجلين وامرأة يمارسون الرذيلة في عرض الطريق! معتمدين أن تسترهم الشجرة الصغيرة اليتيمة في الجزيرة الوسطى للطريق. يا إلهي! هل أنا في كابوس؟ ما الذي يحدث في البلد؟ ما كل تلك الفوضى؟!
علا صوت الأنفاس وزاد التوتر وتسارعت ضربات القلب استعدادا للهرب من الظلام سعيا إلى أي بارقة نور بعيدا عن تلك المشاهد الشيطانية. وأي هروب أفضل من الهروب من الظلام إلى النور، وأي سعي أسمى من السعي إلى الاستقرار بعيدا عن الفوضى.

No comments :

Post a Comment