Tuesday, November 11, 2014

حكاية عم صابر..اللواء

     حكاية عم صابر (اللواء)... من الإسم أول شيء ممكن يخطر على بالك هو صورة راجل غلبان و عجوز، إدى للدنيا أكتر مما أخد، و دي أكيد حكايته مع بهدلة الأيام و إزاي فضل صابر و راضي و فضل بطل قصة الكفاح الطويلة المستمرة حتى النهاية السعيدة المتمثلة في صورة توتالة بتضم عم صابر و أولاده و أحفاده و هما مبتسمين و رافعين علامة النصر. للأسف أحب أقولك إن انت أبعد ما يكون عن مضمون الحكاية... خيبت ظنك شوية معلش، بس إيه رأيك تحاول مرة تانية؟
    هتركز أكتر في العنوان فهتلفت نظرك كلمة ’اللواء‘. و هتقول لنفسك: "إزاي مخدتش بالي من الكلمة دي و انا بقرأ العنوان أول مرة. هو أنا دايماً مندفع كده؟!" .. ’اللواء‘ .. ده أكيد كان لواء في الشرطة مثلا و حصلت معاه مشاكل خلته يسيب الخدمة أو يتقاعد أو ممكن يكون كمان حصلتله حادثة ضيعت فلوسه أو صحته أو أسرته، ولكن برضه فضل بطل لنفس قصة الكفاح الطويل اللي انتهت بيه بنفس الصورة التوتالة و هو بيبتسم و رافع علامة النصر .. برضو!
     أنا مش عارف إيه حكايتك بصراحة مع الصور التوتالة أو مع علامة النصر و إيه سبب حبك الشديد للقصص الدرامية اللي بتيجي في البرامج و المسلسلات، فهخيب ظنك تاني و أقولك جلّت منك برضه المرة دي. غالباً هتبتدي تجيلك بعض المشاعر المتضاربة اللي أغلبها سلبية عن نفسك و عن الحكاية و عن قصص الكفاح و حتى عن عم صابر بذات نفسه (ومش بعيد عني أنا شخصياً!). بس تداركاً للموقف هقولك إن التفكير في أي شيء بنقابله على أساس الصورة النمطية اللي متعودين عليها ده شيء طبيعي و موجود عند كل إنسان. والاندفاع برضه حاجة أنا نفسي ساعات كتير بقع فيها، فهون على نفسك و على حكايتنا و على عم صابر (و عليّ أنا كمان أكيد)، ويلا بينا نشوف مين عم صابر ده.
     دي حكاية بلطجي .. أيوة، بلطجي. صابر اللواء في يوم من الأيام كان الملك وكل اللي في المنطقة التابعين بتوعه؛ طول ما هما بعيد عنه و ضلهم مابيفارقش الحيط، سلموا من شره، بس لو طلعوا بعيد عن الحيط، اتكووا بناره. عنف وخناقات وسرقة و ترهيب وتعاطي ومزاج و سمسرة وعلاقات وتظبيط. وكله عيني عينك، واللي مش عاجبه يعترض، بس يستحمل اللي هيجراله! وعن أقذر الألفاظ و السباب (بالذات سب الدين) محكيلكش. مسك الدنيا بإيديه و لعب بيها بقوته و نفوذه، بس نسي إنها دنيا غرورة، و إن دوام الحال من المحال. نسي إن القوي مش إنسان، ده خالق الأكوان. و في ليلة، في لحظة، خسر قوته ونفوذه. وبعد ما كانت إيديه مسكة الدنيا مسك، وقعت الدنيا من إيده و مسك بدالها عكاز!
      و أديه قاعد على دكته اللي في الشارع، يبص على الرايح واللي جاي. يتحسر على نفسه  و على أيام افتكرها دايمة، على أفعال افتكر نفسه هرب من حسابها، و على دنيا افتكرها طوع أمره. بس ده بيبقى للحظات قليلة. ما بقاش فيه حيل للخناق و الزعيق، بس لسة فيه حيل إنه يدمر نفسه. لسه بيحشش، لسه بيسب و يلعن أهل ده و دين ده، لسه جواه صابر اللواء كبير المنطقة .. كبير المنطقة اللي العيال الصغيرة بيحدفوه بالطوب دلوقتي. لسه متعلمش حاجة و معتبرش. لسه ظلوم و جهول لنفسه قبل غيره. ولسه ربنا بالنسبة له اسم مابيذكروش إلا عند السباب أو الحلفان كذب. وبرضه لسة قاعد على دكته بيبص على الرايح والجاي. وهيفضل يبص، لحد ما تجيله ليلة تانية، لحظة تانية، بس المرة دي مش الدنيا بس هي اللي هتقع من إيديه، ده العكاز كمان...

No comments :

Post a Comment